جهوياتسياسةوطنية

العدالة والتنمية تهدد الملك بسبب مشروع “أكادير لاند”

FullSizeRender (1)
حقائق 24 – محمد موركي

تتبع الرأي العام المحلي بمدينة أكادير، ومعه عموم الرأي العام الوطني باهتمام بالغ ما بات يعرف بملف المشروع السياحي “أكادير لاند”. غير أن الملاحظة القوية التي استرعت انتباه أغلب المتتبعين لهذا الملف تتجلى في إصرار حزب العدالة والتنمية على تبني هذا الملف والقيام بحملة سياسية وإعلامية قوية وممنهجة بغاية الضغط على الجهات المعنية بهذا الملف وحملها على الترخيص لهذا المشروع الاستثماري ولو على حساب خرق القوانين الجاري بها العمل. بل الأكثر من ذلك إصرارهم، كما تتبعت “حقائق 24″، على توظيف بلدية أكادير التي يسيرونها واستغلال مناصبهم الانتدابية داخلها -كمؤسسة عمومية – في حربهم المعلنة ضد ولاية أكادير والوكالة الحضرية، حيث حولوا البلدية من مؤسسة منوط بها تفعيل القانون إلى مؤسسة يتم استغلالها في خرق ذات القانون.

حق أريد به باطل

صحيح أن الوضع السياحي بمدينة أكادير قد بات ينذر بخطورة كبيرة على مستقبل هذه المدينة التي شهدت تراجعا مهولا خلال العقدين الأخيرين كما سبق لجريدة “حقائق 24” أن تناولت ذلك. وهو الوضع الذي عبرت والي الجهة زينب العدوي غير ما مرة عن عدم رضاها عنه، عبر دعواتها المتكررة لمختلف المتدخلين في هذا القطاع – الخواص منهم والمؤسساتيون – إلى ضرورة تكثيف الجهود من أجل بلورة تصور استراتيجي مندمج كفيل بانتشال القطاع السياحي من وضعية الركود المزمنة التي لاومته لسنين طويلة.
غير أن حاجة المدينة إلى مشاريع استثمارية كبرى لا يجب أن يكون – بأي حال من الأحوال – ذريعة يركب عليها مسؤولوا حزب العدالة والتنمية المسيرون للمجلس البلدي لأكادير – مدعومين بإخوانهم وطنيا – ليقوموا بالضغط على الجهات المعنية حتى ترخص للمستثمرين الحاملين لمشروع “أكادير لاند” السياحي عبر خرق أخطر قوانين التعمير.

ما رأي القانون؟

 

من المعروف أن الترخيص لمشروع في حجم المشروع السياحي الكبير “أكادير لاند” يدخل في اختصاصات اللجنة الجهوية للاستثمارات، وهي لجنة تتألف من مختلف المتدخلين المؤسساتيين المعنيين بالاستثمار على المستوى الجهوي، ومن ضمنهم الوكالة الحضرية والوقاية المدنية وولاية الأمن والمجلس الجماعي والتعمير والإسكان وغيرها من المؤسسات التي تجتمع تحت رئاسة والي الجهة.
الوكالة الحضرية لأكادير الموكول لها قانونا السهر على حسن تطبيق المقتضيات المسطرة في وثائق التعمير أثناء الترخيص أو إنجاز أي مشروع، أعربت في الاجتماع الذي عقدته اللجنة الجهوية للاستثمارات عن رفضها المصادقة على مشروع “أكادير لاند”، وعللت موقفها بأن المخطط المديري للتهيئة العمرانية لأكادير الكبير حدد المنطقة المراد توطين المشروع السياحي فيها والمتواجدة مابين هضبة “أكادير أوفلا” ومنطقة “تالبرجت القديمة” منطقة زلزالية غير مفتوحة للبناء. وهو نفس الأمر الذي أكده المختبر العمومي للدراسات والتجارب أثناء تقديمه لاستشارة تقنية في الموضوع للجنة الجهوية للاستثمارات. حيث أكد على أن موقع المشروع يتواجد على أرضية زلزالية اعتبارا لوجود فوالق زلزالية بذات الموقع.

وهو الامر الذي يجعل المسؤولين يستحضرون بقوة فاجعة الزلزال الذي ضرب نفس الموقع في29 فبراير 1960 والبالغة درجته 5.7 على سلم ريشتر، مما خلف مقتل أكثر من 15 ألف قتيل وإصابة أكثر من 25 ألف جريح في ظرف 15 ثانية.

بلدية تخرق القوانين

 

الغريب في قضية “أكادير لاند” أن إخوان عبد الإله بنكيران الذين يسيرون المجلس البلدي لأكادير بشكل كامل لأول مرة في تاريخهم السياسي (على اعتبار أن وجودهم في المجلس خلال فترة القباج كان صوريا)، الغريب أنهم عوض أن يلتزموا بالسهر على تطبيق قوانين التعمير كما تلزمهم بذلك مسؤوليتهم الانتدابية، أصروا على العكس تماما من خلال إقدامهم وبدون استحياء على خرق تلك القوانين من أجل تمكين المستثمرين صاحبي المشروعين من الترخيص بإقامة مشروعيهما. إذ منحت بلدية أكادير التي يسيرها “البي جي دي” ترخيصا تحت رقم 0013247 بتاريخ 20 يوليوز 2016 للمستثمرين من أجل الشروع في أعمال التهيئة المكلفة بالرغم من عدم اكتمال مسطرة المصادقة النهائية على المشروع. وهو ما يعتبر خرقا سافرا لقانون التعمير خاصة المادة 43 منه التي تنص صراحة على أنه لا تسلم رخص البناء إلا “بعد التحقق من أن المبنى المزمع إقامته تتوفر فيه الشروط التي تفرضها الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، خصوصا الأحكام الواردة في تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة”، علاوة على أن ذات المادة تنص على أن رخصة البناء تسلم “دون إخلال بوجوب إحراز الرخص الأخرى المنصوص عليها في تشريعات خاصة وبعد أخذ الآراء والحصول على التأشيرات المقررة بموجب الأنظمة الجاري بها العمل”.

 

لغة التهديد والابتزاز

 

كما هو واضح مما سبق، فإن مسيري بلدية أكادير لا يهمهم تطبيق القانون في شيء حين أصدروا ترخيصا انفراديا لا يحترم المساطر الإدارية المنصوص عليها. وحين أثبتت مخرجات الدراسات الجيولوجية والجيوفيزيائة أن الموقع الذي رخصت البلدية بتوطين المشروعين فيه يوجد في منطقة تشكل خطراً كبيراً، خاصة وأنه سيستقبل جمهوراً كبيراً كما صرح بذلك مدير المكتب الوطني للدراسات والتجارب البشير الشرقاوي، لم يجد رئيس المجلس البلدي لأكادير وصحبه حرجا في إصدار بلاغ تمت صياغته بلغة خطيرة لا تخلو من التهديد والابتزاز المبطن. إذ أكدوا أنهم ما يزالون مصرين على التمسك بالمشروعين وبدعمهما لهما ولا يهمهما إن كان هذان المشروعان يشكلان تهديدا محتملا لحياة المواطنين، إذ أكد البلاغ أن مسيري المجلس البلدي ما يزالون على رأيهم بأن “كثيرا من المشاريع تقام في مناطق زلزالية سواء داخل الوطن أو خارجه”. وبلغة تشتم منها رائحة التهديد بتدويل قضية مشروع استثماري قصد ابتزاز المؤسسات الرسمية للدولة، يضيف بلاغ إخوان بنكيران أن رئيس البلدية وأعضاء مكتبه المسير يؤكدون “أن الذي يحسم القرار في المشروع هو الاحتكام إلى الخبرة والدراسة الوطنية والدولية وضمان إقامة المشروع بمواصفات وشروط تقنية خاصة”.
تهديد وابتزاز سيعلن عنهما بوضوح أحد برلمانيي الحزب على صدر أحد المواقع الإلكترونية الوطنية الموالية لحزبه، إذ لم يستح من تهديد الدولة بتحريض الناس على الخروج للتظاهر والمساس بالسلم الاجتماعي. إذ قال البرلماني الحسين حريش “أكادير تتعرض لمؤامرة دنيئة والشعب لن يبقى مكتوف الأيدي ونحن كممثلين للأمة معه ولن أتردد شخصيا في القول بأن السلم الاجتماعي بسوس بات مهددا والشعور بالإقصاء والحكرة يتنامى بشكل لافت يجعل الخروج للشارع أمرا مشروعا وواردا ما لم تكن هناك التفاتة عاجلة ومن جهات عليا”.

كلام خطير هذا الذي صدر عن أحد برلمانيي حزب العدالة والتنمية، فالجهات العليا معروف مغربيا أن المقصود منها هو جلالة الملك، لكن من أين استمد هذا البرلماني كل هذه الوقاحة في أن يوجه رسائل مشفرة مشحونة بالوعيد والتهديد إلى “الجهات العليا” وبأسلوب لا يستحضر مقتضيات “الاحترام الواجب دستوريا” لمن يوجه لهم الخطاب؟

إن هذه الحدة في التمسك بإقامة المشروعين الاستثماريين في ذلك الموقع الزلزالي، والتي تجاوزت حدود اللباقة واللياقة، دفعت الكثير من المتتبعين إلى التساؤل عن الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء هذا الإصرار الذي أبان عنه إخوان بنكيران في أكادير بشأن المشروعين السياحيين.
بعض المراقبين يرون أن السبب في ذلك يرجع إلى خشية مسيري بلدية أكادير من التبعات القانونية للترخيص الذي أصدروه بشأن المشروعين السياحيين سابقا، إذ أن ذلك الترخيص قد يكلف ميزانية الجماعة أموالا طائلة وذلك في حالة لجوء المستثمر ضحية ترخيص المجلس البلدي إلى القضاء من أجل تعويضه عن المصاريف الباهظة التي خسرها في أعمال التهيئة. غير أن مراقبين آخرين يرون أبعد من ذلك، إذ يعتبرون أن استماتة “إخوان بنكيران” في الدفاع على إنجاز المشروعين بالموقع الزلزالي المذكور وعدم اهتمامهم بالمقترحات الأخرى القاضية بتعبئة أوعية عقارية أخرى شاغرة خارج الخط الزلزالي، تعود بالأساس إلى شبهة وجود علاقة حزبية بين أصحاب المشروعين الاستثماريين وإخوان بنكيران بأكادير. خصوصا وأن أحد المستثمرين تروج معلومات على أوسع نطاق بارتباطه بعلاقة حزبية مع إخوان المالوكي بأكادير وأورير، باعتباره حسب تلك المعلومات داعما ماليا وانتخابيا لحزب العدالة والتنمية بالمنطقة. وهي الشبهة التي تأتي لتنضاف إلى التهديد والابتزاز المشار إليه آنفا ليشكلا معا مسوغا منطقيا يستلزم من المكتب المركزي للتحقيقات القضائية والفرقة الوطنية للشرطة القضائية الدخول على خط هذا الملف من أجل فتح تحقيق معمق يزيح الكثير من اللبس والغموض الذي يكتنفه.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى